بعض الأيام أكون ممتنًا للأرق – قصائد لماجد زاهر

تحمّلنا المنهجيات المختلفة التي باعها مرشدين أعمال في منتصف العمر بأسماء مثل بوب ومايك (وأحيانًا آلان) لرؤسائنا عن كيفية استخلاص قيمة فائضة أكثر منّا. جادلنا بصدق بعضنا، تحدثوا إلينا عن التمكين والملكيّة، لكن الحقيقة كانت أن هذه الأماكن كانت خراءً وأخذنا هذا الخراء ولطخنا أنفسنا والآخرين.

بعد غياب طويل جدا

كنت بين اليقظة والمنام أُفكِر في وَلَعْكَ الشديد بعرائس البحر، أُهدهد بين يدي عروس جديد اشتريتها لك عندما وقف على رأس سريري عسكري يتطلع في! صرخت في وجهه مفزوعة وقمت هاربة استفسر عما يحدث. جاءت قوة أمنية ضخمة في الفجر وكسر العساكر الباب. وجدت الصالة مكتظة برجال الأمن وأمي تقف في منتصف الصالة على وجهها ابتسامة واثقة.

مطر في طبق البيتزا

كنّا في الثامنة. لا. في التاسعة. وأخبرنا ولد من آخر الفصل أنه احتضن وقبّل فتاة تكبرنا بسنتين وراء حمّام المدّرسات. قام أيضًا بإقناعنا، أنا وشريكي في المقعد، أننا لو دفعنا له جنيهين فسوف نحصل على المتعة نفسها. كنا في الحصة الأخيرة، كرمشنا جنيهين في جيبه ومشينا خلفه.

رحلة إلى تونس، أو الموت

تونس الأم الحنون لكل الليبيين، البلد الذي يفرغون فيها طفولتهم وعربدتهم، يسيرون في طرقاتها عراة، ينفلت شيطانهم الذي يمسكون به كل يوم بقبضة أيديهم، يتحركون فيها بلا توازن، ويتكلمون فيها بلا توازن، ويضحكون فيها بلا توازن، ويحبون الفتيات العاشقات للحرية بلا توازن، ويمسكون بيومها بأكمله بافتعال الكحول، وبالطبع بلا توازن.

الرسام المزيف

أدركت مبكرا عجزي عن الرسم إلا أنني لم أسلم من مس الغواية، الفارق بيني ومن وقعوا في الفخ، أني نجوت، وإلا ما كنت لأقص عليكم بأريحية تجربتي العجيبة التي حاولت فيها خداع ربات الفنون ردا على تسليتهن القاسية. نجحت بطريقة مذهلة، وانتقمن بما يكفي لحفظ كبريائهن، لكني أعتبر نفسي الفائز الأكبر

تحول

في الأسابيع الأولى من دراستي في المدرسة الإعدادية كان كل تفكيري ينحصر أثناء حصص الصباح الأربعة في إيجاد طريقة كي لا أتعرض للضرب في فترة الفسحة. هكذا، بالتجربة وقليل من الحظ، وجدت الملاذ في مكتبة المدرسة.

المجزرة

صور الضحايا / الأحياء منهم والأموات / تخرج من الشاشة ليلا / لتتسلل الى غرفة نومي / واشعر بالفزع / قبلها كنت سمعت امي تبكي / وسمعت زغاريد الحزن / تأتي من شاشة أيضا / ورايت حفنات الأرز تتطاير  / وشباب يودع أحبابه / ليعانق البارود

الحي السويسري

علمت أنها انتقلا من الأرياف حديثا، لكن الزوج كان يعمل كموظف بالقاهرة، وكان يسافر يوميا إلى قريته، ثم قررا بعد إرث مفاجىء أصابته الزوجة، استيطان الحي السويسري وافتتاح مشروعهما العائلي، وهو ما فسر لي أيضا امتلاكه لنفس ماركة سيارتي شيفروليه أوبترا، لكن سيارته ذات موديل أحدث، رغم أن دكانهما لا يزيد عن كوة في حائط تدعي زورا وبهتانا عبر لافتة رسمت بفوتوشوب سيء الذوق أنها سوبر ماركت.

ماذا عن الغد؟

نهضت. رفعت سروال البيجاما. نهض هو الآخر. أطفأ التلفاز، قبل أن يصل البطل مفتول العضلات إلى سيارته هربًا من انفجار مكتوم في فيلم ممجوج الأحداث. أعاد جهاز التحكم إلى موضعه. غدًا يشتري بطاريات جديدة. ألقى نظرة على شاشة الهاتف. لملم الزجاجات والمناديل وألقى بها إلى القمامة. وضع بقايا البيتزا – سيتغدى بها وحده غدا – في حافظة بلاستيكية، ودفع بها في الثلاجة.

شاي أسود مع الأشباح

أجلس بالساعات وراء الشاشة، حتى تصير يد التحكم جزءًا مني، بل امتدادًا لجسدي. هذا عالم كان ليبرع الشنفرى فيه دون مجهود، حيث سيجد أهله المفقودين إذ لا أكثر من الحيوانات في عوالم الألعاب «لي دونكم أهلون: سيد عملسٌ وأرقطُ زهلول وعرفاء جيأل». ومن غرفته، في مكانٍ قصي مجهول، من خلف عدسة كاميرا صغيرة، سيخرج على العالم، في بثٍ مباشر وهو يلعب فورتنايت ليتفاخر بنفسه كلما قتل لاعبًا