رجل وامرأة أمام كومة من البراز

الساعة المصلوبة على الحائط تشير إلى الثانية عشر. الجو عادي. والموسيقى على الاذاعة كلاسيكية. يدور حديث بين رجلين يبدو على نبرتهما التعب. لكنه مع ذلك تعب يومي روتيني وعادي. لم يكن الحديث ذا طابع جدلي. لكن فجأة يرتبك أحدهما، تتغير ملامحه قليلاً، وتهبده موجة قوية من الحماقة، فيرتعش صوته وهو …

التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر

حصلتُ على قبلتي الأولى في خريف عام الثورة، تحت الوجود الفاتر لقمر مُتعب أبحرتُ في ضوئه أيضًا إلى نظام هِلهْلي للقراءَة. في ذلك التقاطع المُظلل بالبرتقالي والرمادي، بعد فترة من تبادل للّعاب كان، بلا شك، فشلًا ذريعًا، بدأت عادة التخلي عن كتبي للفتيات.

ظلال في المحكمة

وصل إخطار إلى السيد يطلب منه المثول أمام المحكمة في جلسة عاجلة للرد على شكوى قدمها المحامي عزت القمحاوي، يتهمه الأخير بإفساد المجتمع ومصادرة القيم وتدمير المنظومة الأخلاقية المُحكَمة. بعين نصف مفتوحة ووجه يحمل أثر المخدة، قرأ السيد الخطاب، وحاول ملاحقة البوسطجي بنظرات اللوم أو الغضب لأنه أيقظه يوم عطلة بخطأ أكيد في الإجراءات، أو تشابه أسماء مع أحد المواطنين العاديين مثله.

صاحب المعنى له ظل

١ رأيتها تجلس عند النافذة، تمسك كتابًا، تقرأ قليلاً، تسرح كثيرًا، وعيناها البراقتان تطوفان بالأرجاء. كانت ترتدي سترةً بلون الزيتون الأخضر الناضجّ، وجينز أزرق، تترك شعرها مرتخيًا بلا تصفيف، بشرتها شفافة، أستطيع عدّ كم عرق أرجواني تملك في خديها وفوق عينيها. وجهها كان بسيطًا بلا ملامح بارزة، وكفوفها بالغة الهشاشة.  …

مطر في طبق البيتزا

كنّا في الثامنة. لا. في التاسعة. وأخبرنا ولد من آخر الفصل أنه احتضن وقبّل فتاة تكبرنا بسنتين وراء حمّام المدّرسات. قام أيضًا بإقناعنا، أنا وشريكي في المقعد، أننا لو دفعنا له جنيهين فسوف نحصل على المتعة نفسها. كنا في الحصة الأخيرة، كرمشنا جنيهين في جيبه ومشينا خلفه.

رحلة إلى تونس، أو الموت

تونس الأم الحنون لكل الليبيين، البلد الذي يفرغون فيها طفولتهم وعربدتهم، يسيرون في طرقاتها عراة، ينفلت شيطانهم الذي يمسكون به كل يوم بقبضة أيديهم، يتحركون فيها بلا توازن، ويتكلمون فيها بلا توازن، ويضحكون فيها بلا توازن، ويحبون الفتيات العاشقات للحرية بلا توازن، ويمسكون بيومها بأكمله بافتعال الكحول، وبالطبع بلا توازن.

الرسام المزيف

أدركت مبكرا عجزي عن الرسم إلا أنني لم أسلم من مس الغواية، الفارق بيني ومن وقعوا في الفخ، أني نجوت، وإلا ما كنت لأقص عليكم بأريحية تجربتي العجيبة التي حاولت فيها خداع ربات الفنون ردا على تسليتهن القاسية. نجحت بطريقة مذهلة، وانتقمن بما يكفي لحفظ كبريائهن، لكني أعتبر نفسي الفائز الأكبر

تحول

في الأسابيع الأولى من دراستي في المدرسة الإعدادية كان كل تفكيري ينحصر أثناء حصص الصباح الأربعة في إيجاد طريقة كي لا أتعرض للضرب في فترة الفسحة. هكذا، بالتجربة وقليل من الحظ، وجدت الملاذ في مكتبة المدرسة.

الحي السويسري

علمت أنها انتقلا من الأرياف حديثا، لكن الزوج كان يعمل كموظف بالقاهرة، وكان يسافر يوميا إلى قريته، ثم قررا بعد إرث مفاجىء أصابته الزوجة، استيطان الحي السويسري وافتتاح مشروعهما العائلي، وهو ما فسر لي أيضا امتلاكه لنفس ماركة سيارتي شيفروليه أوبترا، لكن سيارته ذات موديل أحدث، رغم أن دكانهما لا يزيد عن كوة في حائط تدعي زورا وبهتانا عبر لافتة رسمت بفوتوشوب سيء الذوق أنها سوبر ماركت.

ماذا عن الغد؟

نهضت. رفعت سروال البيجاما. نهض هو الآخر. أطفأ التلفاز، قبل أن يصل البطل مفتول العضلات إلى سيارته هربًا من انفجار مكتوم في فيلم ممجوج الأحداث. أعاد جهاز التحكم إلى موضعه. غدًا يشتري بطاريات جديدة. ألقى نظرة على شاشة الهاتف. لملم الزجاجات والمناديل وألقى بها إلى القمامة. وضع بقايا البيتزا – سيتغدى بها وحده غدا – في حافظة بلاستيكية، ودفع بها في الثلاجة.