نصّان

في ذلك الوقت كنتُ مقتنعة أن الله يوزع علينا البكاء كل واحد حسب ما يستدعي أمره. ولأنّ أمي كان لها ألف سبب وسبب لكي تبكي، كان يحق لها أن تبكي لترين في الأسبوع الواحد. وبما أنها لم تستهلك أي منهم، على الأقل منذ أن بدأت عملية البحث قبل قرابة عامين، فأصبح لدى الله 192 لتراً من المياه لم تُذرف منهم دمعة واحدة.

هوامش للّعب (٥): نشاط فردي لا يقبل المساومة

١ تصف فيبى والر-بريدج البيئة المثالية للقراءة فتضع حالة في مقابل أخرى. الأولى نبيذ وكرسى بمسندين ومطر، والثانية في حجرة مع شخص آخر يقرأ أيضًا. أمام ذلك، نتساءل، كيف يمكن أن تضاهي بساطة الحالة الثانية الكشكشات اللامعة والتألق في الحالة الأولى وكيف لنشاط فردي لا يقبل المساومة أن يعزّز بواسطة …

هوامش للّعب (٤): الذهاب إلى السرير وحيدًا بعد الخسارة

١ لأننا سرقنا من تاريخ الأدب شيئين أو أكثر كان علينا أن نقبل حصة ناقصة من حياتنا في المقابل، لقد كنّا نرثي بدموع حقيقية موت المشهد الدرامي العظيم في الأدب، لكننا وفي الوقت نفسه، بعزيمة لا تخيب في تجنب موجة الحرارة المعتادة في الوداعات العظيمة ودهاء خبير يعرف أن ما …

هوامش للّعب (٣): قلقي يشرب اللبن ويرتدي عويناتي ليقرأ كافكا

في أفلام الرعب، كان مالك يفضّل أن يتأخر عدة صفوف عن مكانه المعتاد في السينما معتقدًا بذلك أنه في مأمن من الخضّات والقفزات الغير متوقعة. لا أقول أن الرعب السائل من الشاشة لم يكن يصله، ما أقصده هو أنه فكر في الصفوف المضافة إلى مسافة المشاهدة المعتادة، كماء يقع في محلول ليجعله أقل تركيزًا.

مشموم ترنجيّة

على ذمة صديق فالناس على الطرف الشرقي من سلسلة جبال لبنان يقولون أنه عندما يهطل المطر والشمس مشرقة فإن الديب عم يتجوز، بينما على الجانب الغربي من الجبال عندنا يقولون أن الواوي عم يتجوز. أو العكس. ما علينا، فبينما الواوي والذيب يقومان بأشيائهم، كنّا نحن في الطريق إلى بنزرت، نشق طريقنا بين تلال من القمح والشعير وطواحين الهواء.

هوامش للّعب (٢): خريطة للمدينة باستخدام المطاعم فقط

لا ينجح أبي فقط في اثبات أن الطريق إلى قلب الرجل لا يزال عبر معدته، بل أيضًا يشير بخجل إلى الطريقة البدائية التي يستكشف بها الفرد مدينة جديدة، ففي الوقت الذي يكون فيه الفرد ضائعًا في لذّة استقبال الغريب، مفتونًا بالحركة والعنف في الإيقاع ومغمورًا بمزيج باهر من الروائح والأصوات والألوان، غير قادر تحت..

هوامش للّعب (١): كإنها حدثت وأنت وحيد

أقف في المنتصف تمامًا بين حزن أمي وغضب أبي، كلما قابلتني تراچيديا صغيرة في المساء حفر جسدي جُحرًا في السرير كأني شهدتُ قبل دقيقتين خسارة هادئة لصديق قديم، كلما قابلتني تراجيديا صغيرة في المساء صرخ حلقي في السماء لأن الصوت العالي لضربات القدر أخاف العيال.

ونعوي طويلًا كالذّئاب

النّأي وحده كان خِيارنا وبه رحنا نتوسّل أن نقترب. وكنّا نقول: إنّنا سننجو وسنعود. ملياراتٌ من الدمى نعيش سَبْتًا واحدًا، فوق كرة زرقاء مكتئب، فاض الوقت عنها حتّى لم تعد تدركه. لا شيء يحدث في الخارج، وكان هذا وحده ما يطمئِننا؛ نعيمُ أنّ شيئًا لم يفتنا. ومرتابين أخذنا نذرع الطّرقاتِ لعلّنا نصل..

كما لو أنها الفرصة الأخيرة

لأحلامي النادرة طبيعةٌ مختلفة، أذكر منها أن فوكو في مرةٍ كان يُقنع صديقًا لي بضرورة الزواج المبكر، ولا أعلم لماذا، فوكو بصلعته، يرطن بالفرنسية مع صديقي وينتظر الإجابة وصديقي يرد بـ «معاك حق والله». قبل اكتمال اليقظة يصير كل شئ مموجٌ وعشوائيّ. في مرة أخرى ناقشني صديقي الذي لا يقرأ سوى بوستات الفيس بوك أن ماركس أفضل من «الإكس بتاعتي» كما قال.

صعلوك في فراشي

بدا أن هذا تحول تراجيدي في قصتي العادية، شيءٌ لو أنه كان في رواية لبدا منفرًا. تخيّلته ينفخ الدُخان ولا يغمض عينيه عندما يفعل ذلك، تخيّلته ينفض عقب السيجارة، بمهارة، ولا يحترق شيء في العالم، ثم إن الكتب الثلاثة، بها جنسٌ كثير، وفي مكان خبيء عرفتُ أنني أتوق لهذا، لكنني لستُ متأكدة بأنني جيدة عندما يتعلق الأمر بالنّيك.