تاركًا بصمته على القميص المكوي ولمعة الحذاء والآلاف من نصائحي للعيال، كان فشلي ينمو. وعاجزًا عن التخلص منه فكرت أن ماحدث قد حدث، المهم أن لا يكتشف أحدٌ فى البيت شيئًا.
أُخفي الوحش بدرج مكتبي بين عشرات القصص والرسائل. أتجنب النظر إلى عيون من فى البيت. على أن أحافظ على اتزان يديّ، بينما القلق يعصف بقلبي بغية اقتلاعه.
ماذا لو أخبرَ أحدٌ أخي الأكبر بفشلي فى المواصلات أو المقهى أو على سلم العمارة؟
أستقبله بمجرد دخوله. أراقب الشفتين وعروق الرقبة، وفى كل مرة – حمداً لله – ليس وراءه شىء.
فى ساعات اليأس الطويلة أحس أن الأمر مهما طال سينكشف. على طاولة السُفرة تلتقى نظراتي وأخي. ينتابني الخوف. أفقد السيطرة على أعصابي وترتعش الملعقة فى يدي. أحسّ أنه لا بد قد اكتشف شيئًا. يبدو الهرب كحل وحيد أتبناه فى أحلامي إلى مكان حيث لا يعرفني أحد. أختبيء وراء شارب مثلاً، وأخلق قصة حُب. نسير فى الشارع ويدانا متشابكتان. أقبّلها، وحبيبتي تبتعد بوجهها وتسألني ببراءة عن سر ذبول شاربي. أبتسم ولا أجيب.
أهرب فى الواقع أيضًا. أنسى نفسي على متن نزوات قصيرة. أسدّد مني نحو بالوعة الحمّام. أحبس أنفاس الحشيش.
فى ليالي السُكر الصاخبة مع العيال ونحن نلعب الورق يطاردني هاجس أن أخي فتح الدرج واكتشف فشلي بين القصص. قلبي يقعُ فى رجلي. تعبت من المطاردة.
تحت تأثير الجزع والسُكر أفكر أن أذهب إلى حجرته وأعترف كي نحاول سويًا إيجاد حلول، لكن أخي يشبه لوح زجاج سيرى أبويّ ما وراءه.
فى الأيام الأخيرة يكبس على خيالي منظر أخي وهو يرتجف ويصرخ فى أبويّ: إبنكما فاشل. أتعلق بأى قشة، وحبيبتي فى الحلم تأخذني من يدي إلى غرفة النوم وأنا متردد. أفقد السيطرة على حلمي. تكتشف البنت فشلي. أدفن وجهي فى يدي وأبكي. تضمّني ثم أنام فى حجرها.
ينهد الحلم الذى بنيته. أجلس على الحافة. يملؤني الخواء. ترهل جسدي وتساقط شعري. فى آخر لقاء أخبرتني أن الأمور لا بد أن تنتهي. ابتسمَتْ وقبّلَت خدّي.
أخي يفتح باب الشقة الآن. القلق يعصف بقلبي بغية أقتلاعه. لمَ جاء قبل موعده؟ هل عرف شيئًا؟
لا أطيق الانتظار.. سأذهب لأرى.
صورة الشريط © حيدر ديوه چي