الشاعر المهجري يذبح صوته

في صيف حارق – أحرق من الصيف الماضي، وأبرد من التالي – نزل الشاعر من الجنوب الأعلى إلى الجنوب الأدنى نزل ثم وقف على حافة الصخرة وذبح صوته. هكذا بكل هدوء، رمشت عيناه الضيقتان بانزعاج. لم يقرأ الفاتحة ولم يحدد لله لمن يهدي هذا القربان. لقد زهق الشاعر من كون …

أهبّ كلما انطفأت

لقد هربت من النار  انسلخ جلدي وراحت تسّاقط مني القصص والقصائد والأصوات المدفونة في بردي.  لسعتني الريح، فهبَّت هذه القصيدة ولمن يقرأها الآن إنها تلسع… عمري كله ملتف حول خصري أرقص كي أتخفف منه يتشبث أكثر تغبّش عينيّ المشاهد تثبت على الفراغ حبل غسيل امرأة منشورة  تتدلى أيديها الكثيرة يمغطها …

قل لي

ماذا كنت ستفعل لو لم يلبسك الأسى/تكتب أغنية الانتصار والأمل/ ‏ماذا كنت/ ستفعل لو لم يكسرك الحب/ ‏تقدم الذبائح عند كل هيكل/ ‏ماذا كنت ستفعل لو لم تقتل الله/ ‏تنصب لوحات دعائية ضخمة على كل طريق

بعض الأيام أكون ممتنًا للأرق – قصائد لماجد زاهر

تحمّلنا المنهجيات المختلفة التي باعها مرشدين أعمال في منتصف العمر بأسماء مثل بوب ومايك (وأحيانًا آلان) لرؤسائنا عن كيفية استخلاص قيمة فائضة أكثر منّا. جادلنا بصدق بعضنا، تحدثوا إلينا عن التمكين والملكيّة، لكن الحقيقة كانت أن هذه الأماكن كانت خراءً وأخذنا هذا الخراء ولطخنا أنفسنا والآخرين.

المجزرة

صور الضحايا / الأحياء منهم والأموات / تخرج من الشاشة ليلا / لتتسلل الى غرفة نومي / واشعر بالفزع / قبلها كنت سمعت امي تبكي / وسمعت زغاريد الحزن / تأتي من شاشة أيضا / ورايت حفنات الأرز تتطاير  / وشباب يودع أحبابه / ليعانق البارود

شارع النافورات

كان كلّما مشى مع فتاة جميلة سمِع عظام المدينة تُطقطق. التماثيل التي تقف على جنبات الأبواب، وتحمِل العمارات فوق ظهورها، تنظرُ إليه شذرًا. الأبواب التي لا تُشبه بعضها تُغريهما بالدخول إلى الدرج المُظلم، أين تقبعُ مصاعدٌ لم تصعد من قاعها منذ الاستقلال. أنابيب المياه الصدئة ترتعش في بطون الجدران، والصراصير تتبع خُطوَهُما من تحت الإسفلت.

يستيقظ حيوان داخل معدتي

‏اتوحّش، أرفض كلّ ما أراه، ابني قلاعًا من الرّمل وأهدمها بنظرةٍ / ‏اتوحّش مثله، وأركضُ بين قلبي وماضيّ، / ‏أهدم المسافة بيني وبين الألَم. / يستيقظ حيوانٌ فزعٌ في قلبي، يتحرّك مثل بندول، يذوب قليلًا قليلًا / فأزيحهُ، أزيحُ البقعة عن قلبي. / وأمشي… / أُريد أن أقتل الحيوان الذي يدور / يائسة، أراقبه بعينينِ جافّتين

السّفر اللا-أيوبي

كلُّهم في شُغُل / فاكهونَ / المناويكُ من كلِّ صنفٍ / ولَون؛ / وأنتَ .. – نعم – / بيدينِ في جيبيكَ تنظرُ صوبَهم / وتَهزُّ، إن حُودثتَ، لهم كتفينِ واهنتينِ ( أصلًا!) / هل فكرتَ، وأنتَ تنظرُ: / أنَّ لا أحدًا غيرَ جامعةِ الأباطيلِ / استمالكَ / والذي لم يجد فوقَ نفسهِ من مَزيدِ؟ / ترى فواكِهَ / لبُّها طعمُ الرمادِ / تأنفُها (للجوعِ مكرُمَةٌ) / تراهُم ليسَ بالعينينِ بل، / بزئيرِ القساورِ، بنُباحِ الكلابِ / بدمِ الذئابِ الجارِفِ

المُثلّث

الصاحبان اللذان هاجرا 
/ لمطاردة سرابات مُتجمِّدة 
/ بعد أن تركا في عهدتي سلة ذكريات 
/ كسرا، في الغربة، / مُثلثا كنت أنا رأسه الباقية في البلاد
/ الصاحبان اللذان زرت معهما 
/ قبل سنوات 
/ تلك القرى المعلقة في الأعالي / والمنحدرة مثل عمود فقري لديناصور. / حيث كنا نرافق ثالثنا / لتفقد زيتونات جده / وأيضا، ليشذّب أغصان لغته / ويروي جذورها الأمازيغية ..بكلام ساكني القرية 


قصيدتان

أعرفُ قيمةَ العتمة،/ فهي تسمح للصوصِ بسرقةِ لحمي / وتساعد في حياكةِ مقبرةٍ على مقاسِ مجرّة. / هذا ملفك الأول أيتها الحرب / أورثتِ البحرَ ضبابَه الأسود / كبّدتِ العصافيرَ أعشاشها المُهجّرة / فماذا تبقى إن نزعتِ مساميرَ النعوش عن جثثِ العاشقين، / وصنعتِ لأرواحهم المتعبة ثقوبًا تجعل التحليقَ مرِنا؟/ أربعةُ قرون كافية / لزرع مكان كلِّ جثة خلّفتها الحربُ..